أولا: لفهم طبيعة و أسباب الصلة بين اسعار العملات و بالأخص اسعار الدولار و اسعار النفط قد يكون من المفيد أولا تذكر هذه الحقائق:
النفط يتم تسعيره و بيعه و شراؤه دائما بالدولار الأمريكي. كل البترول في العالم الآن يسعر بالدولار و لكن بعض الدول تشترط أن تتسلم العوائد باليورو. تسلم العائدات باليورو ليس معناه تسعير النفط باليورو، ولايوجد نفط في العالم الآن يسعر باليورو. أغلب البلدان تسلم عوائد النفط بالدولار الأمريكي. شركات النفط العالمية تستثمر في بلدان متنوعة، الأمر الذي يعني أن التكاليف تكون بالدولار أو بعملات مختلفة في نفس الوقت الذي يباع فيه بترولها في الأسواق الدولية بالدولار الأمريكي. أحد أهم أسباب انخفاض قيمة الدولار الأمريكي هو زيادة العجز في الميزان التجاري الأمريكي. بمعنى أن اتساع الفجوة بين الصادرات و الواردات يؤدي الى خفض الدولار الأمريكي.
ما هو تأثير خفض قيمة العملة الأمريكية على المدى القصير؟
أثر خفض سعر صرف الدولار على البعد القريب يختلف عن تأثير انخفاضه على المدى البعيد اختلافاً جذرياً، ولكن كلا منهما ينتج عنه ارتفاع أسعار البترول. فانخفاض سعر صرف العملة الأمريكية على المدى القصير يساعد على زيادة المضاربات في أسواق النفط الآجلة، و يزيد الطلب على البترول شكلياً، الأمر الذي يرفع أسعاره، و يضخم عجز ميزان المدفوعات الأمريكي، و الذي يؤدي بدوره إلى خفض سعر الدولار، وهكذا دواليك.
و تعود زيادة المضاربات في النفط في هذه الحالة إلى أسباب عديدة منها أن انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي يجعل أي سلعة مقيمة بالدولار أرخص، بمعنى أن عائدها يصير أفضل من الخيارات الأخرى. و منها كذلك أن خفض قيمة الدولار الأمريكي يتبعه خفض في سعر الفائدة، و ذلك يجعل الخيارات الاستثمارية المرتبطة بأسعار الفائدة أقل جاذبية للمستثمرين. و قد أسهمت عوامل أخرى في الفترة الأخيرة الى زيادة المضاربات في سوق البترول منها أزمة الرهن العقاري التي جعلت المستثمرين يبتعدون عن الاستثمار في القطاع العقاري و قطاع المصارف الممول للسوق العقاري.
ما هو تأثير انخفاض سعر صرف العملة الأمريكية على المدى الطويل؟
بما أن البترول يسعر بالدولار، و بناء على الحقائق المذكورة أعلاه، فإن خفض سعر العملة الأمريكية يؤدي إلى خفض القدرة الإنتاجية و زيادة الطلب على البترول. خفض الإنتاج و ازدياد الطلب يؤدي كلاهما في النهاية إلى ازدياد سعر البترول.
مثلا انخفاض سعر الدولار الأمريكي يخفض القيمة الشرائية لصادرات البترول، امما يؤدي الى خفض الاستثمارات في مجال انلاستكشاف و التنقيب و الصيانة، و بالتالي انخفاض الطاقة الإنتاجية عما ستكون عليه لو كان سعر صرف العملة الأمريكية عاليا.
في الطلب: انخفاض العملة الأمريكية يسبب ازدياد الطلب على البترول في الدول التي ترتفع اسعار عملاتها مقابل العملة الأمريكية لأن البترول يكون أرخص في هذه الحالة. فعلى سبيل المثال، إذا كان سعر الدولار يساوي اليورو، وكان سعر البترول 100 دولار في أوروبا، فإن سعر النفط يساوي 100 يورو كذلك. فإذا انخفض سعر الدولار وأصبح اليورو يساوي دولارين، و ظل سعر النفط كما هو، فإن سعر النفط سيصبح 50 يورو فقط. بالنسبة الدول المتعاملة باليورو انخفضت أسعار النفط بمقدار النصف بسبب انخفاض سعر الدولار.
أما في الولايات المتحدة فإن انخفاض قيمة الدولار أسهم ، ضمن عوامل عديدة أخرى، في ازدياد الطلب على البترول. فقد نتج عن انخفاض الدولار زيادة تكلفة الاجازات في أوروبا، او ذلك اضطر الكثير من العائلات الأمريكية على قضاء العطلات داخل االولايات المتحدة ، او ذلك أسهم في ازدياد الطلب عليه.
بناء على ماسبق فإنه يمكن القول إن السياسات الأمريكية المالية الداعمة دولار ضعيف ساعدت، ومازالت و ستظل في رفع سعر النفط. وإذا قرر أحد أن يلوم أمريكا على سياساتها فإن ذلك يعني أن ضعف الدولار هو صفة "قوة" وليس ضعف ! المصدر http://www.worldforexrates.com/usd/